مِن عندِ ربِّهم. فجعَل البرقَ له مثلَا على ما (١) قدَّمْنا صفتَه، ﴿يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ يعني: يَذْهَبُ بها ويَسْتَلِبُها ويَلْتَمِعُها (٢) مِن شدةِ ضِيائِه (٣) ونُورِ شُعاعِه (٤).
كما حُدِّثْتُ عن المِنْجابِ بنِ الحارثِ، قال: حدَّثنا بشرُ بنُ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحاكِ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾.
قال: يَلْتَمِعُ أبْصارَهم ولمَّا يَفْعَلْ (٥).
والخَطْفُ السَّلْبُ. ومنه الخبرُ الذي رُوِي عنِ النبيِّ ﷺ أنه نَهى عن الخَطْفةِ (٦). يعني بها النُّهْبَةَ. ومنه قيل للخُطَّافِ الذي يُخْرَجُ به الدَّلْوُ مِن البئرِ: خُطَّافٌ؛ لاخْتِطافِه واسْتِلابِه ما علِق به. ومنه قولُ نابغةِ بني ذُبْيانَ (٧):
(١) بعده في ر: "قد". (٢) التمع الشيْءَ: اختلسه. اللسان (ل م ع). (٣) في الأصل، ص، ر، ت ٢: "ضيائها". (٤) في الأصل، ص، ر، ت ٢: "شعاعها". (٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٥٧ (٢٠٤) عن أبي زرعة، عن المنجاب به. (٦) أخرجه الدارمي ٢/ ٨٥، والطبراني في الكبير ٢٢/ ٢٠٩ (٥٥١)، والبيهقي ٩/ ٣٣٤ من طريق أبي أويس عبد الله بن عبد الله، عن الزهري، عن أبي إدريس، عن أبي ثعلبة بلفظ: نهى رسول الله ﷺ عن الخطفة، والمجثمة، والنهبة، وعن أكل كل ذي ناب من السباع. وآخره في النهي عن كل ذي ناب من السباع في الصحيحين، وغيرهما من طرق عن الزهري به. وينظر علل الدارقطني ٦/ ٣١٦ - ٣١٨. وأخرجه الحميدي (٣٩٧)، وأحمد ٥/ ١٩٥، ٦/ ٤٥٥ (الميمنية) من طريق سهيل، عن عبد الله بن يزيد السعدي، عن أبي الدرداء، نحوه. وينظر علل الدارقطني ٦/ ٢٠٣، ٢٠٤. والخطفة: ما اختطف الذئب من أعضاء الشاة وهي حية. والمراد ما يقطع من أطراف الشاة، والخطفة المرة الواحدة من الخطف، فسمى بها العضو المختطف. ينظر النهاية ٢/ ٤٩. (٧) ديوانه ص ٥٢.