واختَلَفت القرأةُ في قراءةِ قولَه: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ﴾.
فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الأمصارِ: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ﴾، بإضافةِ الأُذُنِ إلى الخَيرِ (٢). يعنى: قلْ لهم يا محمدُ: هو أُذُن خيرٍ، لا أُذُنُ شَرٍّ.
وذُكِر عن الحسنِ البصريِّ أنه قرَأ ذلك:(قل أذنٌ خيرٌ لكم) بتنوينِ "أُذُن"(٣)، ويَصِيرُ "خيرٌ" خبرًا له، بمعنى: قلْ: مَن يسمعُ منكم أيُّها المنافقون ما تقولون ويُصَدِّقُكم - إن كان محمدٌ كما وَصَفْتُموه - مِن أنكم إذا أتَيْتُموه (٤) فأنكَرْتُم ما ذُكر له عنكم مِن أذَاكم إياه وعَيْبِكم له، سَمِعَ منكم وصَدَّقكم - خيرٌ لكم من أن يُكَذِّبَكم ولا يَقْبَلَ منكم ما تقولون. ثم كَذَّبَهم فقال: بل لا يَقْبَلُ إِلا مِن المؤمنين؛ ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.
قال أبو جعفرٍ: والصوابُ مِن القراءةِ عندى في ذلك قراءةُ مَن قرأَ: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ﴾، بإضافة الأُذُنِ إلى الخيرِ وخفضِ الخيرِ، بمعنى: قل هو أُذُنُ خيرٍ لكم، لا أُذُنُ شَرٍّ.
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بن صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن
(١) سيرة ابن هشام ١/ ٥٢١. (٢) قراءة السبعة جميعا. السبعة ص ٣١٥. (٣) وهى قراءة على بن أبى طالب والسلمي وابن أبي إسحاق وقتادة وعيسى بن عمر الثقفي، وهي قراءة شاذة لم يقرأ بها أحد من القراء العشرة. ينظر شواذ القرآن ص ٥٩. (٤) في م: "آذيتموه".