في قولِه: ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾ والإنجيلِ واحدٌ (١).
وأولى القولين في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: مَثَلُهم في التوراةِ غيرُ مَثَلِهم في الإنجيلِ، وأن الخبرَ عن مَثَلِهم في التوراةِ مُتَناهٍ عند قولِه: ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾. وذلك أن القولُ لو كان كما قال مجاهدٌ مِن أن مَثَلَهم في التوراةِ والإنجيلِ واحدٌ، لكان التنزيلُ: ومَثَلُهم في الإنجيلِ وكزرعٍ أخرَج شَطْأَه. فكان تمثيلُهم بالزرع معطوفًا على قولِه: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾. حتى يكونَ ذلك خبرًا عن أن ذلك مَثَلُهم في التوراةِ والإنجيلِ، وفى مجيءِ الكلامِ بغيرِ واوٍ في قولِه: ﴿كَزَرْعٍ﴾ دليل بَيِّنٌ على صحَّةِ ما قُلنا، وأن قولِه: ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ﴾. خبرٌ مبتدأٌ عن صفتِهم التي هي في الإنجيلِ دونَ ما في التوراةِ منها.
وبنحوِ الذي قُلنا في قولِه: ﴿أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾. قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يحيى بنُ إبراهيمَ المسعوديُّ، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جدِّه، عن الأعمشِ، عن خَيثمةَ، قال: بَيْنا عبدُ اللَّهِ يُقْرِئُ رجلًا عند غروبِ الشمسِ، إذ مرَّ بهذه الآيةِ: ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾. قال: أنتم الزرعُ، وقد دنا حصادُكم (٢).
قال: ثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا ابن عُلَيةَ، عن حُميدٍ الطويلِ، قال: قرَأ أنسُ بن مالكٍ: ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ﴾. قال: أتدرون ما شَطْؤُه؟ قال: نباتُه (٣).
(١) تفسير مجاهد ص ٦٠٩. (٢) أخرجه الحاكم ٢/ ٤٦١، والبيهقى ٩/ ٥ من طريق الأعمش به، وأخرجه ابن أبي شيبة ١٥/ ١٥٣ من طريق الأعمش، عن طلحة، عن خيثمة به. (٣) في ص، ت ١، ت ٢ ت ٣: "تمامه". والأثر أخرجه عبد بن حميد - كما في التغليق ٤/ ٣١٤ - من طريق حميد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٨٣ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.