لك فيه، هذا ما وعَدك اللهُ في الدنيا، وما ذَخَره (١) لك في الآخرةِ أفضلُ. ثم تَلَا هذه الآيةَ: ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (٢).
وأوْلَى القولَيْن في ذلك بالصوابِ، قولُ مَن قال: معنى ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾: لَنُحِلَّنَّهم ولَنُسْكِنَنَّهم؛ لأن التَّبَوُّءَ في كلامِ العربِ الحلولُ بالمكانِ والنزولُ به. ومنه قولُ اللهِ تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ﴾ [يونس: ٩٣].
وقيل: إن هذه الآيةَ نزَلت في أبى جَنْدَلِ بن سُهَيْلٍ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المُثَنَّى، قال: أخبرَنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الرزاقِ، قال: ثنا جعفرُ بنُ سليمانَ، عن داودَ بن أبى هندٍ، قال: نزَلت: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾، إلى قولِه: ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ في أبى جَنْدلِ بن سُهَيْلٍ.
وقولُه: ﴿وَلأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: ولثوابُ اللَّهِ إيَّاهم - على هجرتِهم فيه - في الآخرةِ، أكبرُ؛ لأن ثوابَه إيَّاهم هنالك الجنةُ، التي ويدُومُ نعيمُها ولا يَبِيدُ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: قال اللهُ:
(١) في ص غير منقوطة، وفى ت ١، ت ٢، ف: "دخر"، وفى مصادر التخريج: "ادخر" وادَّخر وذخر بمعنى، ينظر النهاية ٢/ ١٥٥، ١٥٦، وتاج العروس (ذ خ ر). (٢) ذكره البغوي في تفسيره ٥/ ٢٠، وابن كثير في تفسيره ٤/ ٤٩١، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٨ إلى ابن المنذر.