المشركين عن دخولِ الحَرَم، انقطاع تجاراتهم، ودخول ضَرَرٍ عليهم بانقطاع ذلك، وأمَّنَهم الله مِن العَيْلةِ، وعَوَّضهم مما كانوا يَكْرَهون انقطاعه عنهم، ما هو خيرٌ لهم منه، وهو الجِزْية، فقال لهم: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرَّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ إلى: ﴿صَاغِرُونَ﴾.
وقال قوم: بإدْرارِ المطرِ عليهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثني المثنى، قال: ثنا عبدُ الله، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عباس قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الحرامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾. قال: لمَّا نَفَى الله المشركين عن المسجدِ الحرامِ، أَلْقَى الشيطان في قلوب المؤمنين الحَزَنَ، قال: من أين تأكلون، وقد نُفِى المشركون، وانقَطَعَت عنكم (١) العِيرُ. فقال الله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ﴾. فأمرهم بقتال أهل الكتابِ، وأغْناهم من فضله (٢).
حدثنا هَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، قال: ثنا أبو الأحْوصِ، عن سِماكٍ، عن عِكْرمةَ في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾. قال: كان المشركون يجيئون إلى البيت، ويَجِيئون معهم بالطعامِ، ويَتَّجِرون فيه؛ فلما نُهُوا أن يأتوا البيتَ قال المسلمون: من أين لنا طعامٌ؟ فأنزل الله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "عنهم". (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٢٧ إلى ابن مردويه.