يقولُ تعالى ذكرُه: قال قومُ نوحٍ له، مُجِيبيه عن قيلِه لهم: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾. قالوا: أنؤمنُ لك يا نوحُ، ونُقِرُّ بتصديقك فيما تدعونا إليه، وإنما اتبَعَك منا الأَرْذَلون، دونَ ذوى (١) الشرفِ وأهلِ البيوتاتِ؟
﴿قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [قال نوحٌ لقومه: وما علمى بما كان أتباعى يعملون](٢)، إنَّما لى منهم ظاهرُ أمرِهم دونَ باطنِه، ولم أُكَلَّفْ عِلْمَ باطنهم، وإنما كُلِّفتُ الظاهرَ، فمن أظهر حسنًا، ظننتُ به حسنًا، ومن أظهر سيِّئًا، ظننتُ به سَيِّئًا،
﴿إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ﴾. يقولُ: إن حسابُ باطنِ أمرِهم الذي خَفِى عنى إلا على ربِّي لو تشعرون، فإنَّه يعلم سر أمرهم وعلانيته.