الإحسانِ راجيًا، ولا للعقابِ على الإساءِة وقبيحِ ما يَأْتى من الأفعالِ خائفًا، ولذلك كانت اسْتِجارَتُه من هذا الصِّنْفِ مِن الناسِ خاصَّةً.
وقولُه: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾. اخْتَلَف أهلُ العلمِ في هذا الرجلِ المؤمنِ؛ فقال بعضُهم: كان من قومِ فرعونَ غيرَ أنه كان قد آمن بموسى، وكان يُسِرُّ إيمانَه مِن فرعونَ وقومِه خوفًا على نفسِه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدٌ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾. قال: هو ابن عمِّ فرعونَ، ويُقالُ: هو الذي نَجا مع موسى (١).
فمن قال هذا القول وتَأَوَّل هذا التأويلَ، كان صوابًا الوقفُ - إذا أراد القارئُ الوقوفَ (٢) - على قولِه: ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾؛ لأن ذلك خبرٌ مُتَناهٍ قد تَمَّ.
وقال آخرون: بل كان الرجلُ إسرائيليًّا، ولكنَّه كان يَكْتُمُ إيمانَه مِن آلِ فرعونَ.
والصوابُ على هذا القولِ، لمن أراد الوقفَ، أن يَجْعَلَ وقفَه على قولِه: ﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾؛ لأن قولَه: ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ صلةٌ لقولِه: ﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾، فتمامُه قولُه: ﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾.
وذُكِر أن اسمَ هذا الرجلِ المؤمنِ من آلِ فرعونَ: خبرك (٣). كذلك حدَّثنا ابن
(١) ذكره البغوي في تفسيره ٧/ ١٤٦، والقرطبي في تفسيره ١٥/ ٣٠٦، وابن كثير في تفسيره ٧/ ١٢٩. (٢) في م: "الوقف". (٣) في م: "جبريل"، وفي ت ٢، ت ٣: "حمويل". وفي مصدر التخريج: "حبرك".