وأما قولُه: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾. فإن أهلَ التأويلِ اختَلفوا في تأويلِه؛ فقال بعضُهم: كان الغنيُّ مِن الناسِ يَتَحوَّبُ (١) أن يأكُلَ مع الفقيرِ، فرَخَّص لهم في الأكلِ معهم.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخُرَاسانيِّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾. قال: كان الغنيُّ يدخُلُ على الفقيرِ من ذَوِى قرابتِه وصديقِه، فيَدْعُوه إلى طعامِه ليأكُلَ معه، فيقولُ:[واللَّهِ إنى](٢) لأَجْنَحُ أن أكُلَ معك - والجُنْحُ: الحَرَجُ - [وأنا غنيٌّ](٣) وأنت فقيرٌ. فأُمِروا أن يأكُلوا جميعًا أو أشْتاتًا (٤).
وقال آخرون: بل عُنِى بذلك حيٌّ مِن أحياءِ العربِ، كانوا لا يأكُلُ أحدُهم وحدَه، [ولا يأكُلُ إلا مع غيرِه، فأَذِن اللَّهُ لهم أن يأكُلَ مَن شاء منهم وحدَه](٥)، ومَن شاء منهم مع غيرِه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ، قال: كانوا يأنَفُون ويَتَحَرَّجون أن يأكُلَ الرجلُ الطعامَ وحدَه حتى يكونَ معه
(١) في م: "يتخوف". (٢) في ت ٢: "اني والله". (٣) في ت ١: "وإنما عنى". (٤) ذكره البغوي في تفسيره ٦/ ٦٥ عن عطاء، عن ابن عباس، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٤٧ من طريق عثمان بن عطاء، عن عطاء قوله. (٥) سقط من: ت ٢.