وأصلُها شاهةٌ. يَدُلُّ على أنَّ ذلك الأصلَ تصغيرُهم الشَّفَةَ شُفَيْهَةً، والشاةَ شُوَيْهةً، فيَرُدُّون الهاءَ التي تَسْقُطُ في غيرِ حالِ التصغيرِ إليها في حالِ التصغيرِ، يقالُ منه: عَضَهْتُ الرجلَ أعْضَهُه عَنْهًا. إذا بَهَتَّه، وقَذَفْتَه ببُهتانٍ.
وكأن تأويلَ مَن تأوَّل ذلك كذلك: الذين عَضَهُوا القرآنَ، فقالوا: هو سِحْرٌ، أو هو شعرٌ. نحوَ (١) القولِ الذي ذكَرناه عن قتادةَ.
وقد قال جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ: إنه إنما عَنَى بالعَضْهِ في هذا الموضعِ نسبتَهم إياه إلى أنه سِحْرٌ خاصةً، دونَ غيرِه مِن معاني الذمَّ، كما قال الشاعرُ (٢):
للماء مِن عِضاتِهن زمْزَمَهْ (٣)
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا أحمدُ بنُ إسحاقَ، قال: ثنا أبو أحمدَ، قال: ثنا ابن عيينةَ، عن عمرٍو، عن عكرمةَ: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾. قال: سحرًا (٤).
حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿عِضِينَ﴾. قال: عَضَهُوه وبَهَتُوه (٥).
حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ، قال: كان عكرمةُ يقولُ: العَضْهُ السحرُ بلسانِ قريشٍ، تقولُ للساحرةِ: إنها (٦)
(١) في ص: "عر"، وفى ت ١: "بخبر"، وفى ت ٢: "فخبر"، وفى ف: "يخبر". (٢) التبيان ٦/ ٣٥٤. (٣) الزمزمة: صوت خفى لا يكاد يفهم. اللسان (ز م م). (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٠٦ إلى المصنف وسعيد بن منصور وابن المنذر. (٥) تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٥٠، ٣٥١ عن معمر به. (٦) في ف: "أيها".