يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾: هؤلاءِ الذين يَكْتُمون ما أنزَل اللهُ مِن أمرِ محمدٍ ﷺ وصفتِه وأمرِ دينِه، أنه الحقُّ، مِن بعدِ ما بيَّنَه اللهُ لهم في كتُبِهم، يَلْعَنُهم اللهُ بكِتْمانِهم ذلك وتَرْكِهم تَبْيِينَه للناسِ. واللعنةُ الفَعْلةُ. مِن: لَعَنه اللهُ، بمعنى: أقصاهُ اللهُ وأبعدَه وأسْحقَه. وأصلُ اللعنِ: الطَّرْدُ، كما قال الشَّماخُ بنُ ضِرارٍ، وذكَر ماءً ورَد عليه (٤):
ذَعَرْتُ به القَطا ونَفَيْتُ (٥) عنه … مَقامَ الذِّئْبِ كالرَّجُلِ اللّعِينِ
يعني به مَقامَ الذئبِ الطَّرِيدِ، و"اللعينُ" من نعتِ الذئبِ، وإنما أرادَ: مَقامَ
(١) أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/ ٦٤، وابن سعد في الطبقات ٢/ ٣٦٢، ٣٦٣، وأحمد ١٢/ ٢٢١ (٧٢٧٦)، والبخاري (١١٨)، ومسلم (٢٤٩٢)، وغيرهم من طريق الأعرج عن أبي هريرة. وينظر الدر المنثور ١/ ١٦٣. (٢) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الآيتين". وهو لفظ مسلم في الموضع الآتي. (٣) أخرجه مسلم (٢٤٩٢) عقب حديث عائشة، من طريق يونس به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٦٨ (١٤٤٠) من طريق ابن شهاب به. وعندهما بغير ذكر آية آل عمران. (٤) ديوان الشماخ ص ٣٢١. (٥) في الأصل: "ونيت".