عظامٍ، ليس له لحمٌ ولا دمٌ، و (١) إن اللَّهَ ﷻ كسَا العظامَ لحمًا ودمَا، فقام حمارًا مِن لحمٍ ودَمٍ وليس فيه روحٌ، ثم أقبَل مَلَكٌ يَمشِى حتى أخذَ بِمِنْخَرِ الحمارِ، فنفَخ فيه، فنَهَق الحمارُ. فقال: ﴿أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٢).
فتأويلُ الكلامِ على ما تأوَّله قائلُ هذا القولِ: وانظُر إلى إحيائِنا حمارَك، وإلى عظامِه كيف نُنْشِزُها، ثم نَكْسوها لحمًا، ولِنَجْعَلَك آيةً للناسِ. فيكونُ في قولِه: ﴿وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ﴾. متروكٌ مِن الكلامِ، اسْتُغْنِى بدَلالةِ ظاهرِه عليه مِن ذِكْرِه، وتكونُ الألفُ [واللامُ](٣) في قولِه: ﴿وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ﴾ بدلًا مِن الهاءِ المُرادةِ في المعْنى؛ لأن مَعْناه: وانظر إلى عظامِه. يَعْنِى: إلى عظامِ الحمارِ.
وقال آخرون منهم: بل قال اللَّهُ تعالى ذِكْرُه ذلك له بعدَ أن نفَخ الروحَ في عيْنَيْه (٤). قالوا: وهى أولُ عُضْوٍ مِن أعضائِه نفَخ اللَّهُ فيه الروحَ، وذلك [قبلَ أن يُسوِّيَه](٥) خلقًا سويًا، وقبلَ أن يُحْيِيَ حمارَه.
ذِكْرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: كان هذا رجلًا مِن بنى إسرائيلَ نُفِخَ الروحُ في عَينيْه، فنظَر إلى خَلْقِه كلِّه حينَ يُحيِيه اللَّهُ، وإلى حمارِه حينَ يُحييه اللَّهُ (٦).
(١) في م: "ثم". (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٠٦ مفرقا في (٢٦٨٠)، (٢٦٨٢) من طريق عمرو بن حماد به. (٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، ص. (٤) في م: "عينه". (٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بعد أن يسويه"، وفى م: "بعد أن سواه". (٦) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٠٤ (٢٦٧١) من طريق ابن أبي نجيح به مختصرا.