الحسنُ بنُ موسى، عن (١) أبي هلالٍ، عن شهرِ بن حَوْشَبٍ عنه (٢).
قال أبو جعفرٍ: وليس في واحدٍ مِن هذين القولين مِن وصفِ نبيِّ اللهِ يونُسَ ﵇ شيء إلا وهو دونَ ما في وصفه بما وَصَفه الذين قالوا: ذهَب مُغاضِبًا لقومِه؛ لأن ذَهابَه عن قومِه مُغاضِبًا لهم، وقد أَمَرَه اللهُ تعالى بالمُقامِ بينَ أظهُرِهم؛ ليُبَلِّغهم رسالتَه، ويُحَذِّرهم بأسَه، وعقوبتَه على تركِهم الإيمانَ به والعملَ بطاعتِه - لا شكَّ أن فيه ما فيه، ولولا أنه قد كان ﵇ أتَى ما قاله الذين وصَفوه بإتيانِ الخطيئةِ، لم يَكُنِ اللهُ تعالى ذِكْرُه لِيُعَاقِبَه العقوبةَ التي ذكَرها في كتابِه، ويَصِفَه بالصفةِ التي وَصَفَه بها، فيقولَ لنبيِّه ﷺ: ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ [القلم: ٤٨]. ويقول: ﴿فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [الصافات: ١٤٢ - ١٤٤].
وقولُه: ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾. اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِه؛ فقال بعضُهم: معناه: فظنَّ أن لن نُعاقِبَه بالتَّضيِيقِ عليه. من قولِهم: قدَرْتُ على فلانٍ. إذا ضَيَّقْتَ عليه، كما قال اللهُ جلَّ ثناؤُه: ﴿وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾ [الطلاق: ٧].
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ (٣)، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾. يقولُ: ظنَّ أن لن يَأْخُذَه العذابُ
(١) بعده في ت ٢: "ابن". وتقدم في ٣/ ٢٥٣. (٢) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ١٢ عن الحارث به. دون ذكر الحسن. (٣) في ت ١، ت:٢: "صبيح"، وفى ف: "صبح".