يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ معلِمَه ما هو صانعٌ بهؤلاء المُتَمَرِّدِين عليه: سيُصيبُ يا محمدُ الذين اكتَسَبوا الإثمَ بشركِهم باللهِ، وعبادتِهم غيرَه ﴿صَغَارٌ﴾. يعني: ذلةٌ وهوانٌ.
كما حدَّثني محمدُ بنُ الحسين، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ: ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ﴾. قال: الصَّغَارُ الذلةُ (١).
وهو مصدرٌ مِن قولِ القائلِ: صغِر يَصْغَرُ صَغارًا وصَغَرًا، وهو أَشدُّ الذلِّ.
وأما قولُه: ﴿صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ﴾. فإن معناه: سيُصِيبُهم صَغارٌ مِن عندِ اللهِ، كقولِ القائلِ: سيَأْتِيني [رِزْقي عندَ اللهِ](٢). بمعنى: مِن عندِ اللهِ. يُرادُ بذلك: سيَأْتِيني الذي لي عندَ اللهِ. وغيرُ جائزٍ لمن قال: سيُصِيبُهم صَغارٌ عندَ اللهِ. أن يَقولَ: جئتُ عندَ عبدِ اللهِ. بمعنى: جئتُ مِن عندِ عبدِ اللهِ؛ لأن معنى: سيُصِيبُهم صَغارٌ عندَ اللهِ: سيُصِيبُهم الذي عندَ اللهِ من الذلِّ بتكذيبِهم رسولَه. فليس ذلك بنظيرِ: جئتُ مِن عندِ عبدِ اللهِ.
وقولُه: ﴿وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ﴾. يقولُ: يُصِيبُ هؤلاء المكذِّبين باللهِ ورسولِه، المُسْتَحِلِّين ما حرَّم اللهُ عليهم مِن الميتةِ، مع
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٨٤ (٧٨٧٠) من طريق أحمد بن مفضل به. (٢) في ص: "رزق الله"، وفي ت ١، ت ٢، س، ف: "من عند الله".