والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى أنهما قراءتان مشهورتان في قرأة الأمصارِ، مُتَّفقتا المعنى، فبأيَّتِهما قرأ القارئُ فهو للصوابِ مصيبٌ، غيرَ أن فتحَ القافِ وتشديدَ الياءِ أعجبُ إليَّ؛ لأنه أفصحُ اللغتين وأشهرُهما.
ونُصِب قولُه: ﴿دِينًا﴾ على المصدرِ مِن معنى قولِه: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. وذلك أن المعنى: هداني ربي إلى دينٍ قويمٍ، فاهتديتُ له دينًا قِيَمًا. فـ "الدينُ" منصوبٌ مِن المحذوفِ الذي هو "اهتديتُ"، الذي ناب عنه قوله: ﴿إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
وقال بعضُ نَحْويِّى البصرةِ: إنما نُصِب ذلك لأنه لما قال: ﴿هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. قد أخبَر أنه عَرَفَ شيئًا، فقال: ﴿دِينًا قِيَمًا﴾. كأنه قال: عرَفتُ دينًا قِيَمًا ملةَ إبراهيمَ.
وأما معنى "الحنيفِ"، فقد بينتُه في مكانِه في "سورةِ البقرةِ" بشواهدِه، بما أغنى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).