أبصارَ خلقِه هيئةً لا تُدْرِكُه، وخبَر بعلمِه كيف تدبيرُها وشئونُها، وما هو أصلحُ بخلقِه.
كالذي حدَّثنا هنادٌ، قال: ثنا وكيعٌ، وحدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا أبي، عن أبي جعفرٍ الرازيُّ، عن الربيعِ بنِ أنسٍ، عن أبي العاليةِ في قولِه: ﴿[اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ](١)﴾. قال: اللطيفُ (٢) باستخراجِها، الخبيرُ (٣) بمكانِها (٤).
وهذا أمرٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه نبيَّه محمدًا ﷺ أن يقولَ لهؤلاء الذين نبَّههم بهذه (٥) الآياتِ من قولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى﴾ إلى قولِه: ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾. على حججِه عليهم، وعلى سائرِ (٦) خلقِه معهم، العادِلين به الأوثانَ والأندادَ، والمكذِّبين باللهِ ورسولِه محمدٍ ﷺ، وما جاءَهم مِن عندِ اللهِ، قلْ لهم يا محمدُ: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ﴾ أيُّها العادِلون باللهِ، والمكذِّبون رسولَه، ﴿بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ﴾. أي: ما تُبْصِرون به الهدى من الضلالِ، والإيمانَ مِن الكفرِ. وهي جمعُ بَصيرةٍ، ومنه قولُ الشاعرِ (٧):
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف، وتفسير ابن أبي حاتم: "لطيف خبير". وهو نص آية سورة الحج ٦٠، وآية سورة لقمان ١٦. (٢) في ص، ت ١، س، وتفسير ابن أبي حاتم: "لطيف". (٣) في ص، ت ١، س، وتفسير ابن أبي حاتم: "خبير". (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٦٤ (٧٧٤٤،٧٧٤٣) من طريق وكيع به. (٥) في النسخ: "لهذه". والمثبت صواب السياق. (٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "تبيين". (٧) هو الأسعر الجعفي، والبيت في الأصمعيات ص ١٤١، والوحشيات ص ٤٤، وتهذيب اللغة ٢/ ١٩٥، ١٢/ ١٧٦.