قال أبو جعفرٍ: وأولى التأويلاتِ التي ذكَرناها في ذلك التأويلُ الذي قلناه، وذلك أن الله ﵎ ابتدَأ ذكرَ هذه الآيةِ بخطابِ الناكحين النساءَ، ونهاهم عن ظُلْمِهن والجَورِ عليهن، وعرَّفهم سبيلَ النجاةِ من ظلمِهنّ. ولا دَلالةَ في الآيةِ على أن الخطابَ قد صُرِف عنهم إلى غيرِهم، فإذ كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أن الذين قيل لهم: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾. هم الذين قيل لهم: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ﴾. وأن معناه: وآتُوا مَن نكَحتم مِن النساءِ [صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلةً؛ لأنه قال في أوَّلِ الآيةِ: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾](٣). ولم يقُلْ:"فأنكحوا". فيكونَ قولُه: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾. مصروفًا إلى أنه معنيٌّ به أولياءُ النساءِ دونَ أزواجِهنَّ، وهذا أمرٌ مِن اللهِ أزواجَ النساءِ المدخولِ بهن، أو المسمَّى لهنّ الصداقُ، بإيتائهن (٤) صَدُقاتِهن دون المطلقاتِ قبلَ المدخولِ بهن، ممن لم يُسمَّ لها في عقدِ النكاحِ صداقٌ.