إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾. قال: لأَهْلَكْناهم. وقرأ: ﴿مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [النحل: ٦١]. قال: يُهْلِكُهم كلَّهم.
ونصَب قولَه: ﴿اسْتِعْجَالَهُمْ﴾، بوقوع "يُعَجِّل" عليه، كقولِ القائلِ: قُمْتُ اليومَ قِيامَك. بمعنى: قُمْتُ كقيامِك، وليس بمصدرٍ مِن يُعَجِّلُ؛ لأنه لو كان مصدرًا لم يَحْسُن دخولُ الكافِ، أعنى كافَ التشبيه فيه.
واختَلَفَت القرأةُ فى قراءةِ قوله: ﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾. فَقَرَأ ذلك عامَّةُ قرأةِ الحجازِ والعراقِ: ﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ على وجه ما لم يُسَمَّ فاعلُه، بضَمِّ القافِ مِن قُضِيَ ورَفْعِ الأجلِ (١). وقَرَأه عامةُ أهل الشامِ (لقَضَى إليهم أجلَهم). بمعنى: لقَضَى الله إليهم أجلَهم (٢). وهما قِراءتان مُتَّفِقَتا المعنى، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمُصِيبٌ، غيرَ أنى أقرؤُه على وجهِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه؛ لأن عليه أكثرَ القرأة.
يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا أصابَ الإنسانَ الشدةُ والجَهْدُ، ﴿دَعَانَا لِجَنْبِهِ﴾. يقولُ: اسْتغاثَ بنا في كشفِ ذلك عنه، ﴿لِجَنْبِهِ﴾. يعنى: مُضْطَجِعًا لجَنَّبِه، ﴿أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا﴾ بالحالِ التي يكونُ بها عندَ نزولِ ذلك الضُّرِّ به، ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ﴾ يقولُ: فلما فَرَّجْنا عنه الجهدَ الذى أصابَه، ﴿مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾ يقولُ: استَمرَّ على طريقتِه الأولى قبلَ أن يُصِيبَه الضُّرُّ، ونَسِيَ ما كان
(١) هي قراءة السبعة غير ابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ٣٢٣، ٣٢٤. (٢) هي قراءة ابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ٣٢٣.