والصوابُ مِن القراءةِ عندَنا ما عليه قَرأَةُ الأمصارِ، وذلك كسرُ ألفِ ﴿إِنَّ﴾. على الابتداءِ؛ لإجماعِ الحُجَّةِ من القرأةِ على صحةِ ذلك، وما اجْتَمَعَت عليه فحُجَّةٌ، وما انْفَرَد به المنفَرِدُ عنها فرأىٌ، ولا يُعْتَرَضُ بالرأيِ على الحُجَّةِ.
وهذه الآيةُ، وإن كان ظاهرُها خبرًا، ففيه الحجةُ البالغةُ مِن اللهِ لرسولِه محمدٍ ﷺ، على الوفدِ الذين حاجُّوه مِن أهلِ نَجْرانَ، بإخبارِ اللهِ ﷿ عن أن عيسى كان بريئًا مما نسَبه إليه مَن نسَبه إلى غيرِ الذي وصَف به نفسَه، مِن أنه للهِ عبدٌ كسائرِ عبيدِه مِن أهلِ الأرضِ، إلا ما كان اللهُ جلَّ ثناؤُه خصَّه به مِن النبوةِ والحُجَجِ التي آتاه دليلًا على صدقِه - كما آتَي (١) سائرَ المرسَلين غيرِه مِن الأعلامِ والأدلةِ على صدقِهم - [وحُجَّةً على نبوتِه](٢).