فتأويلُ الكلامِ إذن: ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾. يعنى: من اليهودِ الذين يَقْرَءون التوراةَ: ﴿آمِنُوا﴾: صَدِّقوا، ﴿بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا﴾، وذلك ما جاءهم به محمدٌ ﷺ مِن الدينِ الحقِّ وشَرائعِه وسننِه، ﴿وَجْهَ النَّهَارِ﴾. يعنى: أوَّل النهار.
وسُمِّى أولُه وجهًا له؛ لأنه أحسنُه، وأولُ ما يُواجِهُ الناظرَ فيراه منه، كما يقالُ لأولِ الثوبِ: وجهُه. وكما قال ربيعُ بنُ زِيادٍ (١):
من كان مَسْرُورًا بمقْتَلِ مالكٍ … فَلْيَأْتِ نِسوتَنا بوَجْهِ نهارِ
وبنحو الذي قلْنا في ذلك قال جماعةٌ من أهلِ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَجْهَ النَّهَارِ﴾: أوَّلَ النهارِ (٢).
حدثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرَّبيعِ: ﴿وَجْهَ النَّهَارِ﴾: أولَ النهارِ، ﴿وَاكْفُرُوا آخِرَهُ﴾. يقولُ: آخرَ النهارِ (٣).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، عن
= ﴿وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ﴾. (١) البيت في مجاز القرآن ١/ ٩٧، وحماسة أبي تمام ١/ ٤٩٤. (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٤٣ إلى المصنف. (٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٧٩ عقب الأثر (٣٦٨٣) من طريق ابن أبي جعفر به بنحوه مقتصرًا على الجزء الأول، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٤٣ إلى المصنف.