يقولُ تعالى ذِكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: واذكرْ يا محمدُ في كتابِنا الذي أنزلْنا إليك، موسى بنَ عمرانَ، واقصُص على قومِك نبأه؛ ﴿إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا﴾.
واختلفتِ القرأةُ فى قراءةِ ذلك؛ فقرأته عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ الكوفيين:(إِنَّهُ كانَ مُخْلِصًا). بكسرِ اللامِ من المُخْلِص، بمعنى: إنَّه كان يُخلِص للهِ العبادةَ ويُفرده بالألوهةِ من غيرِ أن يَجعَل له فيها شريكًا، وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ أهلِ الكوفةِ خلا عاصمٍ: ﴿إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا﴾. بفتحِ اللامِ من مُخْلَصٍ، بمعنى أنَّ موسى كان اللهُ قد أخلَصه واصطفاهُ لرسالتِه، وجعله نبيًّا مرسلًا (١).
والصوابُ من القولِ فى ذلك عندِى أنَّه كان ﷺ مخلصًا عبادةَ اللهِ، مُخلَصًا للرسالة والنبوّة، فبأيَّتِهما قرَأ القارئ فمصيبٌ الصوابَ.
﴿وَكَانَ رَسُولًا﴾. يقولُ: وكان للهِ رسولًا إلى قومِه من بني إسرائيلَ، ومَن أرسَله إليه نبيًّا.
(١) قرَأ عاصم وحمزة والكسائي: ﴿مُخْلَصًا﴾ بفتح اللام. وقرأ الباقون بكسرها. أما قول المصنف: "خلا عاصم". ففى كتب القراءات أن عاصمًا قرأ بفتح اللام. وينظر التيسير ص ١٢١، والحجة ص ٤٤٤، ٤٤٥، والنشر ٢/ ٢٢١. على أن ابن مجاهد قد ذكر أن عاصمًا قرأ بكسر اللام في رواية أبي بكر عنه وأنه قرأ بفتحها في رواية حفص عنه. وينظر السبعة ص ٤١٠.