وقولُه: هو ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾. يقولُ: على طريقٍ لا اعوجاجَ فيه من الهُدَى، وهو الإسلامُ.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾: أي: الإسلامِ (١).
وفى قولِه: ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ وجهان؛ أحدُهما أن يكونَ معناه: إنك لمن المرسلين على استقامةٍ من الحقِّ، فيكونَ حينئذٍ ﴿عَلَى﴾ من قولِه: ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. من صلةِ الإرسالِ. والآخرُ أن يكون خبرًا مبتدأً، كأنه قيل: إنك لمن المرسلين، إنك على صراطٍ مستقيمٍ.
القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥)﴾
قال أبو جعفرٍ ﵀: اختلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾؛ فقرأته عامة قرأة المدينة والبصرةِ:(تَنزيلُ العزيزِ الرحيمِ) برفعِ "تنزيل"(٢)، والرفعُ في ذلك يتَّجه من وجهين؛ أحدُهما بأن يُجْعَلَ خبرًا؛ فيكونُ معنى الكلامِ حينَئذٍ: إنك (٣) لمن المرسلين، هذا تنزيلُ العزيزِ الرحيمِ. وقرأته عامةُ قرأةِ الكوفةِ وبعضُ أهلِ الشامِ: ﴿تَنْزِيلَ﴾ نصبًا على المصدرِ (٤)، من قولِه: ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾؛ لأن الإرسالَ إنما هو عن التنزيلِ، فكأنه قيل: إنك لَمُنَزَّلٌ تنزيلَ العزيزِ الرحيمِ حقًّا.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٥٨ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر. (٢) هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وعاصم في رواية يحيى بن آدم عن أبي بكر. السبعة لابن مجاهد ص ٥٣٩. (٣) في م: "إنه". (٤) هي قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم. المصدر السابق.