وبنحوِ المعنى الذي قلْنا في ذلك قال جماعةُ (١) أهلِ التأويلِ.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾: علِم اللَّهُ ﵎ أن أُناسًا يَمُنُّون بعَطِيَّتِهم، فكرِه ذلك وقَدَّم فيه، فقال: ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣)﴾ (٢).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: قال للآخرين - يعنى قال اللَّهُ للآخَرين، وهم الذين لا يَخْرُجون في جهادِ عدوِّهمَ -: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى﴾. قال: فشرَط عليهم. قال: والخارجُ لم يَشْرُطْ عليه قليلًا ولا كثيرًا. يعنى بالخارجِ: الخارجَ في الجهادِ الذي ذكَره اللَّهُ ﷿ في قولِه: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ﴾ الآية. قال ابن زيدٍ: وكان أبي يقولُ: إن أُذِن لك أن تُعْطِىَ مِن هذا شيئًا، أو تُقَوِّىَ، فَقَوِّه (٣) في سبيلِ اللَّهِ، فَظَنَنْتَ أَنه يَثْقُلُ عليه سلامُك، فكُفَّ سلامَك عنه. قال ابن زيدٍ: فشيءٌ (٤) خيرٌ مِن السلامِ! قال: وقالتِ امرأةٌ لأبى: يا أبا أسامةَ، تَدُلُّنِى على رجلٍ يَخرُجُ في سبيلِ اللَّهِ حقًّا، فإنهم لا يَخرُجُون إلا ليأكُلُوا الفواكَه، عندى جَعْبةٌ (٥) وأَسْهُمٌ فيها. فقال لها: لا بارَكَ اللَّهُ لَكِ فِي جَعْبَتِكِ ولا في
(١) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "من". (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٣٧ إلى المصنف وعبد بن حميد. (٣) في ص، ت: "فقوى"، وفى م، ت ١، ت ٣: "فقويت". (٤) في ص: "فنهى"، وفى م، ت ١، ت ٣: "فهو". (٥) الجعبة: وعاء السهام والنبال.