وقولُه: ﴿وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾. يقولُ: ومِن كلِّ البحارِ تأكلون لحمًا طَرِيًّا، وذلك السمكُ؛ من عذبِهما الفراتِ، ومِلْحِهما الأُجاجِ ﴿وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ يعنى: الدرَّ والمَرْجانَ، تستخرجونها من الملحِ الأُجاجِ. وقد بيَّنا قبلُ وجهَ ﴿وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً﴾، وإنما يُستخرَجُ مِن المِلحِ، فيما مضى، بما أغنَى عن إعادتِه (٢).
﴿وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِر﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وترى السفنَ في كلِّ تلك البحارِ مواخرَ، تمخُرُ الماءَ بصدورِها، وذلك خرقُها إياه إذا مرَّت، واحدتُها ماخرةٌ، يقالُ. منه: مَخَرت تمخُرُ وتمخَرُ مَخْرًا، وذلك إذا شقَّت الماء بصدورِها.
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذِكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ [أي: منهما جميعًا](٣)، ﴿وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾: هذا اللؤلؤُ، ﴿وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ﴾: فيه السفنُ مُقبلة ومُدْبِرةً بريحٍ واحدةٍ (٤).
حدَّثنا عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٤٧ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. (٢) ينظر ما تقدم في ١٤/ ١٨٥، ١٨٦. (٣) سقط من: ت ١. (٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٥٤، ٢/ ١٣٤ عن معمر، عن قتادة ببعضه. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٤٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، وينظر ما تقدم ١٤/ ١٨٨.