يقول تعالى ذكرُه: أولم يَتَفَكَّرُ هؤلاء الذينَ كَذَّبوا بآياتنا، فيَتَدَبَّروا بعقولهم، ويعلموا أن رسولَنا الذي أرْسَلْناه إليهم، لا جِنَّةَ به ولا بَلَ، وأنَّ الذي دعاهم إليه هو [الصحيحُ والدينُ](٢) القويمُ، والحقُّ المبين. ولذا أُنزِلَتْ هذه الآية فيما قيل.
كما حدَّثنا بشرُ بن معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قال: ذُكر لنا أن نبيَّ الله ﷺ كان على الصَّفا، فدعا قريشًا، فَجَعَل يُفَخِّذُهُم فَخْذًا فَخْذًا (٣): "يا بَنى فلانٍ، يا بني فلانٍ". فَحَذَّرَهم بَأْسَ اللهِ، ووَقائِعَ اللهِ. فقال قائِلُهم: إِنَّ صاحِبَكم هذا لمجنونٌ! بات يُصَوِّتُ إلى الصباحِ. أو: حتى أصْبَح، فأَنزَل اللهُ ﵎: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ (٤).
ويعنى بقوله: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾؛ ما هو إلا نذيرٌ يُنذِرُكم (٥) عقابَ اللهِ
(١) في م: "سيرًا". والسيب: الجرى. وساب الماء سيبًا: جرى وساب يسيب: مشى مسرعًا. التاج (س ي ب). (٢) في م: "الدين الصحيح". (٣) يقال: فخَّذ الرجل بني فلان. إذا دعاهم فخذا فخذا. والفَخْذُ هو حَيُّ الرَّجُل إذا كان من أقرب عشيرته. تاج العروس (ف خ ذ). (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٢٤ من طريق يزيد به نحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٤٩، ١٥٠ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبى الشيخ. (٥) في م: "منذركم".