وقد قيل: إن ذلك إنما قيل على التكثير، نحوَ قولِ القائلِ: فلانٌ يَعْلَمُ كُلَّ شيءٍ، وأتاه كلُّ الناسِ. وهو يعنى بعضَهم، وكذلك قولُه: ﴿فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٤٤].
وقيل أيضًا: إنه ليس شيءُ إلا وقد سأَله بعضُ الناسِ، فقيل: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾. أي: قد أتَى بعضَكم منه شيئًا، وآتى آخر شيئًا مما قد سأَله. وهذا قولُ بعضِ نحويى أهلِ البصرةِ.
وكان بعضُ نحويى أهلِ الكوفةِ يقولُ: معناه: وآتاكم مِن كلِّ ما سأَلْتُموه لو سأَلْتُموه، كأنه قيل: وآتاكم مِن كلِّ سُؤْلِكم (١)، وقال: ألا تَرَى أنك تَقولُ للرجلِ لم يَسْأَلْك شيئًا: واللهِ لأُعْطِيَنَّك سُؤْلَك ما بلَغَتْ مسألتُك وإن لم تَسْأَلْ.
فأما أهلُ التأويلِ، فإنهم اخْتَلَفوا في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: معناه: وآتاكم مِن كلِّ ما رغِبْتُم إليه فيه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا وَرْقاءُ، وحدَّثنى الحسنُ بنُ محمدٍ، قال: ثنا شَبابةُ، قال: ثنا وَرْقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: من كلِّ ما سألْتُموه ورغِبْتُم إليه فيه (٢).
حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ، وحدَّثنى المُثَنَّى، [قال: ثنا إسحاقُ](٣)، قال: ثنا عبدُ اللهِ، عن وَرْقاءَ، عن
(١) في معاني الفراء ٢/ ٧٨: "وآتاكم كل سؤلكم". (٢) تفسير مجاهد ص ٤١٢، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٨٥ إلى ابن المنذر. (٣) سقط من: م، وفى ت ١: "قال ثنا أبو إسحاق".