يبعَثه على شِرارِ خَلقِه، وهو الذي يقولُ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾. إلى قوله: ﴿وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ " (١).
وهذا القولُ الذي ذكرناه عن علقمة والشعبي ومَن ذكرنا ذلك عنه، قولٌ، لولا مجيءُ الصِّحاحِ من الأخبار عن رسول الله ﷺ بخلافِه، ورسول الله ﷺ أعلم بمعانى وَحْي الله وتنزيله.
والصواب مِن القولِ في ذلك ما صح به الخبرُ عنه.
ذكرُ الرواية عن رسول الله ﷺ بما ذكَرْنا
حدثني أحمدُ بنُ المِقْدامِ، قال: ثنا المعتمر بن سليمانَ، قال: سمعت أبي يحدِّثُ، عن قتادةَ، عن صاحبٍ له حدَّثه، عن عمران بن حصين، قال: بينما رسول الله ﷺ في بعضِ مغازيه، وقد فاوت السَّير بأصحابِه، إذ نادى رسول الله ﷺ بهذه الآية: " ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ ". قال: فحثُّوا المَطِيَّ حتى كانوا حول رسول الله ﷺ، قال: "هل تَدْرون أيَّ يوم ذلك؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "ذلك يومَ يُنادَى آدم؛ يُنادِيه ربُّه: ابعَثْ بَعْثَ النارِ مِن كل ألف تسعمائةٍ وتسعةً وتسعين إلى النار". قال: فأُبْلِس القومُ، فما وَضَح منهم ضاحكٌ (٢)، فقال النبي ﷺ: "ألَا اعْمَلُوا وأبشروا، فإن معكم خَلِيقَتَين ما كانَتا في قَوْمٍ إِلَّا كَثَّرَتاهِ، فَمَن هَلَكَ مِن بنى آدمَ، ومَن هلَك من بنى إبليسَ، ويأجوجَ ومأجوجَ". ثم قال: "أبْشِروا، ما أنتم في
(١) جزء من حديث الصور، وتقدم تخريجه في ٣/ ٦١٣. (٢) قال ابن الأثير في النهاية ٥/ ١٩٦ حتى ما أوضحوا بضاحكة: أي: ما طلعوا بضاحكة ولا أبدوها، وهى إحدى ضواحك الأسنان التي تبدو عند الضحك. يقال: من أين أوضحت. أي: طلعت. وينظر أيضًا ٣/ ٧٧.