والذي نختارُ في ذلك من القراءةِ (١) قراءةُ مَن قرَأ: ﴿وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ﴾. بمعنى: يَسْتشهِدُ اللَّهَ على ما في قلبِه؛ لإجماعِ الحجةِ مِن القرأةِ عليه.
القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤)﴾.
والأَلَدُّ من الرجالِ: الشديدُ الخصومةِ، يقالُ في "فعَلْتَ" منه: قد لَدِدْتَ يا هذا ولم تكنْ أَلَدَّ، فأنت تَلَدُّ لَدَدًا ولَدادةً. فأما إذا غلَب مَن خاصمَه، فإنما يقالُ فيه: لدَدْتَ يا فلانُ فلانًا فأنتَ تلُدُّه لَدًّا، ومنه قولُ الشاعرِ (٢):
ثُمَّ [ارْدِ بي وبهما](٣) مَنْ تُرْدِي
نَلُدُّ (٤) أَقْرانَ الخُصُومِ اللُّدِّ
واختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: تأويلُه أنه ذو جِدالٍ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا يونسُ بنُ بُكَيرٍ، عن ابنِ إسحاقَ، قال: ثنى محمدُ بنُ أبي محمدٍ، قال: ثنى سعيدُ بنُ جبيرٍ، أو عكرمةُ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾. أي: ذو جدالٍ إذا كلَّمَك وراجعَك (٥).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾. يقولُ: شديدُ القسوةِ في معصيةِ اللَّهِ، جَدِلٌ بالباطلِ، إذا شِئْتَ رأيتَه
(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قول القرأة". (٢) معاني القرآن للفراء ١/ ١٢٣ بتقديم الثاني على الأول، غير منسوبين، والبيت الثاني في اللسان (ل د د). (٣) في م، ت ١: "أردى وبهم"، وفي ت ٢، ت ٣: "أردى وبهما". (٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تلد"، وفي معاني القرآن: "اللد"، وفي اللسان: "ألد". (٥) تقدم مطولًا في ص ٥٧٣.