فقد أطاعنى بطاعتِه إياه، فاسمَعوا قولَه، وأطيعوا أمرَه، فإنه مَهْما يأمُرْكم به مِن شيءٍ فعن أمرى يأمُرُكم، وما ينهاكم عنه مِن شيءٍ فعن نَهْيِي، فلا يَقولَنَّ أحدُكم: إنما محمدٌ بَشَرٌ مِثْلُنا، يريدُ أن يَتَفضَّلَ علينا.
ثم قال جلَّ ثناؤه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: ومَن تَوَلَّى عن طاعتِك يا محمدُ، فأعرِضْ عنه، فإنَّا لم نُرْسِلْك عليهم حفيظًا - يعنى حافظًا لِما يعمَلون مُحاسِبًا - بل إنما أرسَلناك لتُبَيِّنَ لهم ما نُزِّل إليهم، وكفَى بنا حافِظين لأعمالِهم، ولهم عليها مُحاسِبِين.
ونَزَلَت هذه الآيةُ فيما ذُكِر قبلَ أن يُؤْمَرَ بالجهادِ.
كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وَهْبٍ، قال: سألتُ ابنَ زيدٍ عن قولِ اللهِ جلَّ ذكرُه: ﴿وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾. قال: هذا أَوَّلَ ما بَعَثه. قال: ﴿إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ [الشورى: ٤٨]. قال: ثم جاء بعدَ هذا أمرُه (١) بجهادِهم والغِلْظةِ عليهم (٢) حتى يُسْلِموا (٣).
قال أبو جعفرٍ ﵀: يعنى جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ﴾. يعني الفريقَ الذي أخبَر اللهُ جلَّ ثناؤه عنهم أنهم لمَّا كُتِب عليهم القتالُ، خَشُوا الناسَ كخشيةِ اللهِ أو أشدَّ خَشْيةً، يقولون لنبيِّ الله ﷺ، إذا أمَرهم بأمرٍ: أمْرُك طاعةٌ (٤)
(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يأمره". (٢) سقط من: م. (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٨٥ إلى المصنف. (٤) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "ولك منا طاعة".