وهو مقتورٌ عليه، قال الله جل ثناؤُه: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.
كما قَسَم بينَهم صورَهم وخلقَهم (١)، تبارَك ربُّنا وتعالى (٢).
وقوله: ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾. يقولُ: ليَسْتسخِرَ هذا هذا في خدمتِه إيَّاه، وفى عَوْدِ هذا على هذا بما في يدِه من فضلٍ، يقولُ: جعل تعالى ذكرُه بعضًا لبعضٍ سببًا للمعاشِ في الدنيا.
وقد اختلَف أهلُ التأويلِ فيما عُنِى بقولِه: ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: ما قلنا فيه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباط، السُّدِّيِّ: ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾. قال: يستخدِمُ بعضُهم بعضًا في السُّخْرةِ (٣).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾. قال: هم بنو آدمَ جميعًا، قال: وهذا عبدُ هذا، ورفع اللَّهُ هذا على هذا درجةً؛ فهو يُسَخِّرُه بالعملِ، يستعمِلُه به، كما يقالُ: سخَّر فلانٌ فلانًا (٤).
وقال آخرون: بل عُنِى بذلك: ليملكَ بعضُهم بعضًا.
(١) في ص: "حجلهم"، وفى م: "أخلاقهم"، وفى ت ١: "حبلهم"، وفي ت ٢: "جعلهم". (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٦، ١٧ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر. (٣) ذكره القرطبي في تفسيره ١٦/ ٨٣، وابن كثير في تفسيره ٧/ ٢١٣. (٤) ذكره القرطبي في تفسيره ١٦/ ٨٣ بنحوه.