وقولُه: ﴿فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قالوا لمحمدٍ ﵊: فأتوا بآبائِنا الذين قد ماتوا، إن كنتم صادقين أنَّ الله باعثُنا من بعدِ بِلانا في قبورِنا، ومُحْيِينا من بعدِ مماتِنا. وخُوطِب ﷺ هو وحده خطابَ الجميعِ، كما قيل: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق: ١]. وكما قال: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٩]. وقد بيَّنتُ ذلك في غيرِ موضعٍ من كتابِنا (٣).
يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: أهؤلاء المشرِكون يا محمدُ من قومِك خيرٌ، ﴿أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ﴾. يعنى: تُبَّعًا الحِمْيَرِيَّ.
كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ ﷿: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ﴾. قال: الحِمْيَرِيِّ.
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ﴾: ذُكِر لنا أن تُبَّعًا كان رجلًا من حِمْيَرَ، سارَ بالجيوشِ حتى حيَّر الحِيرةَ، ثم أتَى سَمَرْقَند فهدَمها. وذُكِر لنا أنه كان إذا كَتَب كتَب: باسمِ الذي تسمَّى، وملَك
(١) بعده في ت ٣: "قريش و". (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣١ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر. (٣) بعده في ت ١: "هذا"، وفى ت ٢، ت ٣: "هذا بما أغنى عن إعادته". ينظر ما تقدم ٢/ ٤٠٤ وما بعدها.