القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾.
قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ ﵀: يعنى بقولِه جل ثناؤه: ﴿وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾: ولا تُحِلُّوا قاصدين البيتَ الحرامَ العامِديه. يقالُ منه: أممتُ (١) كذا. إذا قصَدْتَه وعمَدْتَه. وبعضُهم يقولُ: يَمَّمْتُه. كما قال الشاعرُ (٢):
إنِّي كذاك إذا ما ساءَنى بلَدٌ … يَمَمْتُ صِدْرَ بعيرى غيرَه بلَدَا
والبيتُ الحرامُ بيتُ اللهِ الذي بمكةَ.
وقد بيَّنتُ فيما مضَى لمَ قيل له: الحرامُ (٣).
﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ﴾، يعني: يلتمِسون أرباحًا في تجاراتِهم من اللهِ، ﴿وَرِضْوَانًا﴾. يقولُ: وأَن يَرْضَى اللهُ عنهم بنُسُكِهم.
وقد قيل: إن هذه الآيةَ نزلت في رجلٍ من (٤) ربيعة يقالُ له: الحُطَمُ.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ، قال: أَقْبَل الحُطَمُ بنُ هندٍ البكريُّ، ثم أحدُ بنى قيسِ بن ثعلبةَ، حتى أتَى النبيَّ ﷺ وحدَه، وخلَّف خيلَه خارجًا (٥) من المدينةِ، فدعاه فقال: إلامَ تَدْعُو؟ فأَخْبَره - وقد كان النبيُّ ﷺ قال لأصحابِه: "يدخُلُ اليومَ (٦) عليكم رجلٌ من ربيعةَ،
(١) في ص، ت ١، ت ٢: "أقمت". (٢) ينظر البيت في مجاز القرآن لأبى عبيدة ١/ ١٤٦، وفتح البارى ٨/ ٢٧٢. (٣) ينظر ما تقدم في ٢/ ٥٣٦ - ٥٤٢. (٤) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بنى". وينظر الدر المنثور ٢/ ٢٥٤. (٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "خارجة". (٦) سقط من: الأصل.