حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ في قولِه: ﴿هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ﴾. يقولُ: إلى الدنيا (١).
واخْتَلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ دخولِ "إنَّ" في قولِه: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾، مع دخولِ اللامِ في قولِه: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ﴾. فكان بعضُ (٢) نحويِّ أهلِ البصرةِ يقولُ في ذلك: أما اللامُ التي في: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ﴾ فلامُ الابتداءِ، وأمّا ﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾، فمعناه واللهُ أعلمُ: إنَّ ذلك منه مِن عزمِ الأمورِ. وقال: قد تقول: مرَرْتُ بالدارِ الذراعُ بدرهمٍ. أي: الذراعُ منها بدرهمٍ، ومرَرْتُ ببُرٍّ قَفيزٌ بدرهمٍ. أي: قفيزٌ منه بدرهمٍ. قال: وأما ابتداءُ "إِنَّ" في هذا الموضعِ فمثلُ: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾ [الجمعة: ٨]، يجوزُ ابتداءُ الكلامِ، وهذا إذا طال الكلامُ في هذا الموضعِ.
وكان بعضُهم يَسْتَخْطِئُ هذا القولَ، ويقولُ: إِنَّ العربَ إذا أَدْخَلَت اللامَ في أوائلِ الجزاءِ أجابَته بجواباتِ الأيمانِ؛ بـ "ما"، و "لا"، و "إنَّ"، و "اللامِ"، قال: وهذا مِن ذاك، كما قال: ﴿لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٢ إلى المصنف. (٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.