وَجَدْنَاهُمُ كاذِبًا إِلُّهُمْ … وَذُو الإلَّ والعَهْدِ لا يَكْذِبُ
وقد زعَم بعضُ مَن يُنْسَبُ إلى معرفةِ كلام العربِ من البَصْريين (١): أن الإِلَّ والعهدَ والميثاقَ واليمينَ واحدٌ (٢)، وأن الذمةَ في هذا الموضعِ، التَّذَمُّمُ ممن لا عهد له، والجمعُ: ذِمَمٌ.
وكان ابن إسحاق يقولُ: عنَى بهذه الآيةِ أهل العهد العامِّ.
حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ﴾. أي: المشركون الذين لا عهدَ لهم إلى مُدَّةٍ مِن أهل الشركِ (٣) العامِّ ﴿لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً﴾ (٤).
فأمَّا قوله: ﴿يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾. فإنه يقولُ: يُعْطُونكم بألسنتِهم مِن القول خلاف ما يُضْمِرُونه لكم في نفوسِهم من العداوةِ والبغضاءِ، ﴿وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ﴾ أي: تأبَى عليهم قُلوبُهم أن يُذْعِنُوا لكم، بتَصْديقِ ما يُبْدُونه لكم بألسنتِهم. يُحَذِّرُ جلَّ ثناؤه أمرَهم المؤمنين، ويَشْحَذُهم على قَتْلِهم واجْتِياحِهم، حيثُ وُجِدوا من أرضِ اللَّهِ، وأن لا يُقَصِّروا في مَكْروهِهم بكلِّ ما قَدَرُوا عليه، ﴿وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾. يقولُ: وأكثرُهم مُخالِفون عهدَكم، ناقِضون له، كافِرون بربِّهم، خارِجون عن طاعتِه.