وقولُه: ﴿لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى﴾. يقولُ: واضمُمْ يدَك يا موسى إلى جَناحِك تخرُجْ بيضاءَ من غيرِ سوءٍ، كى نُريَك من أدلَّتِنا (١) الكبرى على عظيمِ سلطانِنا وقدرتِنا. وقال: ﴿الْكُبْرَى﴾ فوحَّد، وقد قال: ﴿مِنْ آيَاتِنَا﴾. كما قال: ﴿لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [طه: ٨]. وقد بيَّنا ذلك هنالك (٢). وكان بعضُ أهلِ البصرةِ يقولُ (٣): إنما قيل: ﴿الْكُبْرَى﴾؛ لأنه أُرِيد بها التقديمُ، كأن معناها عندَه: لنريَك الكُبرى من آياتِنا.
يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه موسى: اذْهَبْ يا موسى ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾. يقولُ: تجاوَز قدْرَه، وتمرَّد على ربِّه. وقد بيَّنا معنى "الطغيانِ" فيما مضى بما أَغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٤). وفى الكلامِ محذوفٌ اسْتُغنى بفهمِ السامعِ بما ذُكِر منه، وهو قولُه: اذْهَبْ إلى فرعونَ إِنه طَغَى، فادْعُه إلى توحيدِ اللهِ وطاعتِه، وإرسالِ بنى إسرائيلَ معك.
﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: قال موسى: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾. [يقولُ: اشْرَحْ لى صَدْرى](٥) لأعِيَ عنك ما تُودِعُه مِن وحيِك، وأجْترئَ به على خطابِ فرعونَ،
﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾. يقولُ: وسَهِّلْ لى (٦)
(١) في ت ١: "آياتنا". (٢) ينظر ما تقدم في ص ١٧. (٣) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١٨. (٤) ينظر ما تقدم في ١/ ٣٢٠، ٣٢١. (٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٦) سقط من: ت ٢، وفى ص، م، ت ١، ت ٣، ف: "على".