محذوفٌ تُرِكَ ذِكرُه استغناءً بما ظهر عما تُرِكَ، وهو: فأجِمُوا (١) ذلك وقالوا: لن نصبرَ على طعام واحدٍ، فاستبدلوا الذي هو أدْنَى بالذي هو خيرٌ، ﴿وَمَا ظَلَمُونَا﴾. يقولُ: وما أدخلوا علينا نقصًا في مُلكنا وسُلْطانِنا بمسألتهم ما سألوا، وفعلهم ما فعلوا، ﴿وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾. أي: يَنقُصُونها حظوظَها باستبدالهم الأدنى بالخير، والأرْذلَ بالأفضلِ.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: واذكر أيضًا يا محمد مِن خَطَأ فعلِ هؤلاء القومِ، وخلافهم على ربهم، وعصيانهم نبيَّهم موسى، وتبديلهم القول الذي أُمِرُوا أنْ يقولُوه حين قال الله لهم: ﴿اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾: وهى قرية بيت المقدس، ﴿وَكُلُوا مِنْهَا﴾. يقولُ: مِن ثمارها وحبوبها ونَباتِها، ﴿حَيْثُ شِئْتُمْ﴾ (٢). يقولُ: أين (٣) شئتُم منها، ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾. يقولُ: وقولوا: هذه الفَعْلةُ حِطةٌ تحطُّ ذنوبَنا - ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ﴾. يقولُ: يَتغمد لكمْ ربُّكم ذنوبَكم التي سلَفتْ منكم، فيعفُو لكم عنها فلا يؤاخذكم بها، ﴿سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ منكم - وهم المطيعون لله - على ما وعدتكم من غفران الخطايا.
وقد ذكرنا الروايات في كلِّ ذلك باختلافِ المختلفين، والصحيح من القولِ لدَيْنا فيه (٤) فيما مضى بما أغنى عن إعادَتِه (٥).
(١) في م: "فأجمعوا"، وأجم الشيء: كرهه ومله من المداومة عليه. اللسان (أ ج م). (٢) بعده في م: "منها". (٣) في م: "أنى". (٤) سقط من: الأصل. (٥) ينظر ما تقدم في ١/ ٧٢٠ - ٧٢٢.