ألحَدَ. لأنها أشهرُ اللغَتين وأفصحُهما. وكان ابن زيدٍ يقولُ في قوله: ﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾: إنه منسوخٌ.
حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: ﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾. قال: هؤلاء أهل الكفرِ، وقد نُسِخ، نَسَخه القِتالُ (١).
ولا معنى لما قال ابن زيدٍ في ذلك من أنه منسوخٌ؛ لأنَّ قولَه: ﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾. ليس بأمرٍ مِن الله لنبيِّه ﷺ بتَرْكِ المشركين أن يقولوا ذلك، حتى يَأْذَنَ له في قتالِهم. وإنَّما هو تهديدٌ مِن اللهِ للمُلْحِدِين في أسمائه ووعيدٌ منه لهم، كما قال في موضعٍ آخر: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ﴾ الآية [الحجر: ٣]. وكقولِه: ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٦]. وهو كلامٌ خَرَجَ مَخْرَجَ الأَمْرِ بمعنى الوعيد والتهديدِ، ومعناه: إنْ نُمْهِل (٢) الذين يُلْحِدون، يا محمدُ، في أَسماءِ اللهِ إلى أجلٍ هم بالِغُوه، فسوف يُجْزَوْن - إذا جاءَهم أجلُ اللهِ الذي [أجَّلَهم إليه](٣) - جزاءَ أعمالهم التي كانوا يعمَلونها قبل ذلك؛ من الكفر باللهِ، والإلحادِ في أسمائِه، وتكذيبِ رسوله.
يقول تعالى ذكرُه: ومن الخَلْقِ الذين خَلَقْنا ﴿أُمَّةٌ﴾. يعني: جماعةٌ. ﴿يَهْدُونَ﴾. يقولُ: يَهْتَدُون ﴿بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾. يقولُ: وبالحقِّ يَقْضون ويُنصِفون الناس. كما قال ابن جريجٍ.
(١) ذكره ابن الجوزى في نواسخ القرآن ص ٣٣٩، والقرطبي في تفسيره ٧/ ٣٢٨. (٢) في م: "تمهل". (٣) في م: "أجله إليهم".