يقولُ تعالى ذكرُه: أنزَل على عبدِه القرآنَ معتدِلًا مستقيمًا لا عِوَجَ فيه، ليُنذركم أيها الناسُ بأسًا من اللهِ شديدًا. وعنَى بـ "البأسِ" العذابَ العاجلَ، والنَّكالَ الحاضرَ، والسطوةَ.
وقولُه: ﴿مِنْ لَدُنْهُ﴾. يعنى: من عندِ اللهِ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا يونسُ بنُ بُكيرٍ، عن محمد بن إسحاق: ﴿لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا﴾ (١): عاجِلَ عقوبةٍ في الدنيا، وعذابًا في الآخرةِ، ﴿مِنْ لَدُنْهُ﴾. أي: من عندِ ربِّك الذي بعثَك رسولًا (٢).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ بنحوِه (٣).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿مِنْ لَدُنْهُ﴾.
أي: من عندِه (٣).
فإن قال قائلٌ: فأين مفعولُ قولِه: ﴿لِيُنْذِرَ﴾؟ فإنَّ مفعولَه محذوفٌ، اكْتُفِى بدلالةِ ما ظهَر من الكلامِ عليه من ذكرِه، وهو مضمرٌ متصلٌ، بـ ﴿لِيُنْذِرَ﴾ قبلَ "البأسِ"، كأنه قال (٤): ليُنْذِرَكم بأسًا. كما قيل: ﴿يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ [آل عمران: ١٧٥]. وإنما هو: يخوِّفُكم أولياءَه.
(١) بعده في ص: "من لدنه شديدا". (٢) سيرة ابن هشام ١/ ٣٠٢. (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢١١ إلى ابن أبي حاتم. (٤) في ص، ت ١، ف، م: "قيل".