فكذلك ذلك في قولِه: ﴿قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ﴾. [وما أشبَهَه. فإذ كان ذلك معناه، وكان قولُه: ﴿فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ﴾](١) -وإن كان قد خرَج على لفظِ الخبرِ عن المخاطَبين به- خبرًا من اللهِ تعالى ذكرُه عن فعلِ السالفين منهم -على نحوِ الذى بَيَّنَّا- جاز أن يُقالَ: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾. إذ كان معناه: قل: فلمَ يَقْتُلُ أسلافُكم أنبياءَ اللهِ من قبلُ. وكان معلومًا بأن قولَه: ﴿فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ﴾ إنما هو خبرٌ عن فعلِ سَلَفِهم.
وتأويلُ قولِه: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أي: من قبلِ اليومِ.
أما قولُه: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. فإنه يَعْنى: إن كنتم مؤمنين بما أنزَل اللهُ عليكم كما تَزْعُمون (٢). وإنما يعْنِى (٣) بذلك اليهودَ الذين أدركُوا رسولَ اللهِ ﷺ وأسلافَهم: إن كانوا وكنتم -كما تزعُمون أيها اليهودُ- مؤمنين. وإنما عَيَّرهم جل ثناؤُه بقتلِ أوائلِهم أنبياءَه عندَ قولِهم -حين قيل لهم: ﴿آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ﴾ (٤) قالوا: ﴿قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾ لأنهم كانوا لأوائلِهم الذين تولَّوْا قَتْلَ أنبياءِ اللهِ مع قيلِهم: ﴿قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾ مُتَوَلِّين، وبفعلِهم راضِين، فقال لهم: إن كنتم كما تزعُمون مؤمنين بما أُنزِلَ عليكم، فلمَ تَتَوَلَّوْن قَتَلَةَ أنبيائى (٥)، وتَرْضَوْن أفعالَهم.
(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "زعمتم". (٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عنى". (٤) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قالوا". (٥) في م: "أنبياء الله، أي"، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أنبياء الله".