يعنى جل ثناؤُه بقولِه: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا﴾: ولم نجعَلْ صرْفَك عن القبلةِ التى كنتَ على التوجُّهِ إليها يا محمدُ، فصرَفْناكَ عنها، إلَّا لنعلَمَ من يتَّبِعُك (٢) ممن ينقلِبُ على عَقِبيه.
والقبلةُ التى كان ﷺ عليها، التى عناها اللهُ بقولِه: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا﴾، هى القبلةُ التى [كان يتوجَّهُ](٣) إليها قبلَ أن يَصْرِفَه (٤) إلى الكعبةِ.
كما حدَّثني موسى بنُ هارونَ قال: حَدَّثَنَا عمرُو بنُ حمادٍ، عن أسباطَ، عن السُّدِّىَّ: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا﴾ يَعنى بيتَ المقدِس (٥).
حَدَّثَنَا القاسمُ، قال: حَدَّثَنَا الحسينُ، قال: حَدَّثَنِي حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا﴾؟ قال: القبلةُ بيتُ المقدسِ (٦).
وإنما ترَك ذكرَ الصرفِ عنها اكتِفاءً بدَلالةِ ما قد ذُكِر من الكلامِ على معْناه،
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٥٢ إلى المصنّف وابن أبي حاتم، بلفظ: الأشهاد أربعة. . . . وقوله: "الأطوار". لعل الصواب: "الأطراف". وفى التبيان ٢/ ٧: قال ابن زيد: الأشهاد أربعة. . . . والجوارح كما قال: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. (٢) بعده في م: "ممن لا يتبعك". (٣) في م: "كنت تتوجه". (٤) في م: "يصرفك". (٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٥٠ عقب الأثر (١٣٤٠) عن أبي زرعة، عن عمرو به. (٦) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٥٠ (١٣٤٠) من طريق حجاج به.