وإنما اخْتَرْنا التأويلَ الذي اخْتَرْنا في ذلك؛ لأنه عَقِيبَ قولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى﴾. على أن قولَه: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ﴾. وإن كان خبرًا مِن اللهِ عن إخراجِه مِن الحبِّ السنبلَ، ومن السنبلِ الحبَّ، فإنه داخلٌ في عمومِه ما رُوِي عن ابنِ عباسٍ في تأويلِ ذلك: وكلُّ ميتٍ أخْرَجه اللهُ مِن جسمٍ حيٍّ، وكلُّ حيٍّ أَخْرَجه اللهُ مِن جسمٍ ميتٍ.
وأما قولُه: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ﴾. فإنه يقولُ: فاعلُ ذلك كلِّه اللهُ ﷻ، ﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾. يقولُ: فأيُّ وجوهِ الصدِّ عن الحقِّ أيُّها الجاهِلون تَصُدُّون عن الصوابِ وتُصْرَفون، أفلا تَتَدَبَّرون فتَعْلَمون أنه لا يَنْبَغي أن يُجْعَلَ لمَنْ أَنْعَم عليكم بفلْقِ الحبِّ والنَّوَى، فأَخْرَج لكم مِن يابسِ الحبِّ والنوى زروعًا وحُروثًا وثمارًا تَتَغَذَّوْن ببعضِه، وتَفَكَّهون ببعضِه - شريكٌ في عبادتِه ما لا يَضُرُّ ولا يَنْفَعُ، ولا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ؟
القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ (٢) اللَّيْلَ سَكَنًا﴾.
يعني بقولِه: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ﴾: شاقٌّ عمودَ الصبحِ عن ظلمةِ الليلِ وسَوادِه.