وحُدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ، قال: ثنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضَّحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾: أمَّا السرُّ: فما أسرَرتَ في نفسِك، وأما أخفَى مِن السرِّ: فما لم تعلَمْه (١) وأنتَ عاملُه، يعلمُ اللهُ ذلك كلَّه (٢).
وقال آخرون: بل معنَى ذلك: إنه يعلمُ سرَّ العبادِ، وأخفَى سرَّ نفسِه، فلم يُطلِعْ عليه أحدًا.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾. قال: يعلمُ أسرارَ العبادِ، وأخفَى سرَّه فلا يُعلَمُ (٣).
وكأن الذين وجَّهوا تأويلِ ذلك إلى أن السِّرَّ هو ما حدَّث به الإنسانُ غيَره سرًّا، وأن أخفَى، معناه ما حدَّث به نفسَه - وجَّهوا تأويلَ "أخفَى" إلى الخفيِّ. وقال بعضُهم: قد توضَعُ "أفعَلُ" موضِعَ "الفاعلِ". واستشهَدوا لقولِهم (٤) ذلك بقولِ الشاعرِ (٥):
والصوابُ مِن القولِ في ذلك قولُ مَن قال: معناه (٧): يَعلَمُ السِّرَّ وأخفَى مِن
(١) في م: "تعمله". (٢) تفسير سفيان ص ١٩٢ عن أبي داود عن الضحاك، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٩٠ إلى عبد بن حميد. (٣) التبيان ٧/ ١٤٢. (٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "لقيلهم". (٥) نسبه الأخفش في الاختيارين ص ١٦١ إلى مالك بن القين الخزرجي، وهو في ديوان عبيد بن الأبرص ص ٥٦، وفيه: تمنى مُرَىْءُ القيس موتى. (٦) في م: "طريق". (٧) ليس في الأصل.