القرونَ التي يمشون في مساكِنهم. أو أفلم تَهْدِهم القرونُ الهالكةُ.
وقد ذُكِر أن ذلك في قراءةِ عبدِ اللَّهِ:(أفلم يَهْدِ (١) لهم مَن أَهْلَكْنا). فـ ﴿كَمْ﴾ واقعةٌ موقع "مَن" في قراءةِ عبدِ اللَّهِ، و (٢) هي في موضعِ رفعٍ بقولِه: ﴿يَهْدِ لَهُمْ﴾. وهو أظهرُ وُجوهه، وأصحُّ معانيه، وإن كان للذى (٣) قاله وجهٌ ومذهبٌ على بُعْدٍ.
وقولُه: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن فيما يُعايِنُ هؤلاء، ويَرَوْن مِن آثارِ وقائعِنا بالأم المكذِّبةِ رسلَها قبلَهم، وحُلولٍ مَثُلاتِنا بهم لكفرِهم باللهِ، ﴿لَآيَاتٍ﴾. يقول: لدَلالاتٍ وعِبَرًا وعِظَاتٍ ﴿لِأُولِي النُّهَى﴾. يعنى: لأهلِ الحِجَا والعقولِ، ومَن ينهاه عقلُه وفهمُه ودينُه عن مُواقعةِ ما يَضُرُّه.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثَّني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿لِأُولِي النُّهَى﴾. يقولُ: التُّقَى (٤).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾: أهلِ الوَرَعِ (٥).
(١) في ص، ف: "نهد"، وفي ت ٢: "يهدى". (٢) سقط من: م. (٣) في ص، م، ت ١، ف: "الذي". (٤) ذكره ابن حجر في تغليق التعليق ٤/ ٢٥٦ عن المصنف. (٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٠٢ إلى ابن أبي حاتم.