يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء المشركون مِن قريشٍ هم الذين جحَدوا توحيدَ اللهُ، وصدُّوكم أيُّها المؤمنون باللهِ عن دخولِ المسجدِ الحرامِ، وصدُّوا الهَدىَ ﴿مَعْكُوفًا﴾. يقولُ: محبوسًا عن أن يَبْلُغَ مَحِلَّه. فموضعُ "أن" نصبٌ؛ لتعلُّقِه إن شئت بـ "معكوفٍ"، وإن شئتَ بـ "صدوا". وكان بعضُ نحويي البصرةِ يقولُ في ذلك: وصدُّوا الهدىَ معكوفًا، كراهية أن يَبْلُغَ مَحِلَّه.
وعُنِى بقولِه تعالى ذكرُه: ﴿أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾: أَن يَبْلُغَ مَحِلَّ نحرِه. وذلك دخولُ الحرمِ، والموضعُ الذي إذا (١) صار إليه حَلَّ نحرُه، وكان رسولُ اللَّهِ ﷺ ساق معه حينَ خرَج إلى مكةَ في سَفْرته تلك سبعين بدنةً.
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، عن محمدِ بن مسلمٍ الزهريِّ، عن عروةَ بن الزبيرِ، عن المِسْوَرِ بن مَحْرَمةً ومَرْوانَ بن الحكمِ، أنهما حدَّثاه قالا: خرَج رسولُ اللهِ ﷺ عامَ الحديبيةِ يُرِيدُ زيارةَ البيتِ، لا يُرِيدُ قتالًا، وساق (٢) معه سبعين بَدَنةً، وكان الناسُ سبعمائةِ
(١) سقط مِن: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) بعده في م: "الهدى".