وقال آخَرون: بل نزَلت هذه الآيةُ في المنافقِ واليهوديِّ اللَّذَين وصَف اللهُ صفتَهما في قولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ﴾.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، وحدَّثني المثنى، قال: حدَّثنا أبو حذيفة، قال حدَّثنا شِبْلٌ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾. قال: هذا الرجلُ اليهوديُّ والرجلُ المسلمُ اللذان تحاكَما إلى كعبِ بن الأشرفِ (١).
حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمِ، قال: ثنا ابن عليةَ، عن داودَ، عن الشعبيِّ بنحوِه، إلا أنه قال: احتكَما (٢) إلى الكاهنِ (٣).
وهذا القولُ - أعنِى قول من قال: عُنِى به المحتكِمان إلى الطاغوتِ، اللذان وصف اللهُ شأنَهما في قولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ - أولى بالصوابِ؛ لأن قولَه: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾. في سياقِ قصةِ الذين ابتدأ اللهُ الخبرَ عنهم بقولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾. ولا دلالةَ تَدُلُّ على انقطاعِ قصتِهم، والحاقُ بعضِ ذلك ببعضٍ - ما لم تأْتِ دلالةٌ على
(١) تفسير مجاهد ص ٢٨٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٨٠ إلى ابن المنذر. (٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س. (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٨٠ إلى المصنف.