يعنِي بذلك جلَّ ثناؤه: واقتُلوا أيُّها المؤمنون الذين يقاتلونكم من المشركين حيث أصبتم مَقاتلَهم (١)، وأمكَنكم قتلُهم، وذلك هو معنى قولِه: ﴿حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾.
ومعنى الثَّقافةِ (٢) بالأمرِ: الحِذْقُ به والبصرُ، يقالُ: إنَّه لثَقِفٌ لَقِفٌ. إذا كان جَيِّدَ الحذرِ في القتالِ، بصيرًا بمواضِعِ (٣) القَتلِ.
وأمّا التَّثقيفُ فمعنًى غيرُ هذا، وهو التقويمُ.
فمعنى ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾: اقتُلوهم في أيِّ مكانٍ تَمكَّنتُم من قتلِهم، وأبصرْتُم مَقاتلَهم.
وأما قولُه: ﴿وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ فإنه يعني بذلك المهاجرين الذين أُخرِجُوا من ديارِهم ومنازِلهم بمكّةَ، فقال لهم جلَّ ثناؤُه: وأَخرِجُوا هؤلاء الذين يقاتلونَكم وقد أخْرجوكم مِن ديارِكم، مِن مساكنِهم وديارِهم كما أخرَجوكم منها.
القولُ في تأويلِ قوله: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾.