فإن قال: وفى أىِّ حالٍ دعاه إليه؟ قيل: حينَ قال: ﴿يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٧٨، ٧٩]. وذلك هو الوقتُ الذى قال له ربُّه: أسلِمْ. مِن بعدِ ما امتحَنه بالكوكبِ (١) والقمرِ والشمس.
القول في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ﴾.
يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَوَصَّى بِهَا﴾: ووصّى بهذه الكلمةِ، أعنى بالكلمةِ قولَه: ﴿أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [وهى](٢) الإسلامُ الذى أمَر به نبيَّه ﷺ، وهى إخلاصُ العبادةِ والتوحيدِ للهِ، وخضوعُ القلبِ والجوارحِ له.
ويعنى بقولِه: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ﴾: عهِد إليهم بذلك وأمرَهم به.
وأمَّا قولُه: ﴿وَيَعْقُوبُ﴾ فإنه يعنى: ووصَّى بذلك أيضًا يعقوبُ بَنِيه.
كما حدثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زريعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ﴾ يقولُ: ووصَّى بها يعقوبُ بَنِيه بعد إبراهيمَ (٣).
وحدَّثنى محمدُ بنُ سعدٍ، قال: حدَّثنى أبى، قال: حدَّثنى عمِّى، قال: حدَّثنى أبى، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ﴾: وصَّاهم بالإسلامِ، ووصَّى يعقوبُ بمثلِ ذلك (٤).
(١) في م: "بالكواكب". (٢) في م: "وهو". (٣) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٣٩ عقب الأثر (١٢٧٦) معلقًا. (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٣٩ (١٢٧٥، ١٢٧٦) عن محمد بن سعد به.