يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾. قال: لا يُضارَّ كاتبٌ فيَكْتُبَ غيرَ الذي أُمْليَ عليه. قال: والكتَّابُ يومَئذٍ قليلٌ، ولا يَدْرُون أيَّ شيءٍ يُكْتَبُ، فيُضَارَّ فيَكْتُبَ غيرَ الذي أُمْلِي عليه فيُبطِلَ حقَّهم. قال: والشهيدُ يُضَارُ فَيُحَوِّلُ شهادتَه، فيُبْطِلُ حقَّهم (١).
فأصلُ الكلمةِ على تأويلِ من ذكَرْنا قولَه مِن هؤلاءِ: ولا يُضارِرْ كاتبٌ ولا شهيدٌ. ثم أُدْغِمَت الراءُ في الراءِ؛ لأنهما من جنسٍ، وحُرِّكَت إلى الفتحِ، وموضعُها جزمٌ؛ لأن الفتحَ أخفُّ الحركاتِ.
وقال آخرون ممَّن تأوَّل هذه الكلمةَ هذا التأويلَ: معنى ذلك: ولا يُضَارِرْ كاتبٌ ولا شهيدٌ، بالامتناعِ على مَن دعاهما إلى أداءِ ما عندَهما مِن العلمِ والشهادةِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا الحسنُ بن يحيى، قال: أَخْبَرَنا عبد الرزاقِ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ، عن عطاءٍ في قولِه: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾. يقولُ: أن يُؤَدِّيا ما قِبْلَهما (٢).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، قال: قلتُ لعطاءٍ: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾ قال: لا يُضارًا أن يُؤَدِّيا ما عندهما مِن العلمِ.
حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: أَخْبَرَنا ابن المباركِ، عن سفيانَ، عن يزيدَ بن أبي زيادٍ، عن مِقْسَمٍ، عن ابن عباسٍ، قال: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا
(١) ذكره الطوسى في التبيان ٢/ ٣٧٦، وابن عطية في المحرر الوجيز ٢/ ٢٩٨ عن ابن زيد بنحوه. (٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ١١١ ومصنفه (١٥٥٦٤)، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٦٧ (٣٠٢٤) عن الحسن به.