جلّ ثناؤه: ﴿أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾. [يعنى: أن عذابه الذي أوعد هؤلاء المشركين على كفرهم حَقٌّ](١)، فلا عليهم أن لا يستعجلوا به، فإنه بهم واقعٌ لا شكَّ، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا يَعلَمون حقيقةَ وقوع ذلك بهم، فهم مِن أجلِ جَهْلِهم به مكذِّبون.
يقولُ تعالى ذكرُه: إن الله هو المُحيى المُميتُ، لا يَتَعذَّرُ عليه فعل ما أراد فعْلَه من إحياء هؤلاء المشركين إذا أراد إحياءَهم بعد مَماتِهم، ولا إماتَتِهم إذا أراد ذلك، وهم إليه يَصِيرون بعدَ مَماتِهم، فيُعايِنون ما كانوا به مُكذِّبين من وعيدِ الله وعقابه.
يقولُ تعالى ذكره لخلقه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتَكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن ربِّكُمْ﴾. يعني: ذكرى تُذَكِّرُكم عقابَ اللهِ، وتُخَوِّفُكم وعيدَه، ﴿مِن رَّبِّكُمْ﴾. يقولُ: من عند ربِّكم، لم يَخْتلِقها محمدٌ ﷺ، ولم يَفْتَعِلْها أحدٌ، فتقولوا: لا نأْمَنُ أن تكونَ لا صحة لها. وإنما يعنى بذلك جلّ ثناؤُه القرآن، وهو الموعظةُ من الله.
وقوله: ﴿وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ﴾. يقول: ودواءٌ لِما في الصدور من الجهلِ، يَشْفِى به الله جهلَ الجُهَّالِ، فيُبْرِئُ به داءَهم، ويَهْدِى به مِن خلقِهِ مَن أَرادَ هِدايتَه به، ﴿وَهُدًى﴾. يقولُ: وهو بيانٌ لحلالِ اللَّهِ وحرامِه، ودليلٌ (٢) على طاعته