من حُجَحِ اللَّهِ وأدلتِه (١) على خلقِه، والأدلِة التي يستدِلُّ بها أولو الألبابِ على عظيمِ قدرتِه وسلطانِه، وأنه لا يُعجزُه شيءٌ أرادَه.
وقولُه: ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ﴾. يقولُ ﷿: مَن يوفِّقْه الله للاهتداءِ بآياتِه وحُجَجِه إلى الحقِّ الذي (٢) جعَلها أدلةً عليه ﴿فَهُوَ الْمُهْتَدِ﴾. يقولُ: فهو الذي قد أصاب سبيلَ الحقِّ، ﴿وَمَنْ يُضْلِلْ﴾. يقولُ: ومَن أضَلَّه الله عن آياتِه وأدلتِه، فلم يوفِّقْه للاستدلالِ بها على سبيلِ الرشادِ، ﴿فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾. يقولُ: فلن تجِدَ له يا محمدُ خليلًا وحليفًا يُرشدُه لإصابتِها؛ لأن التَّوفيقَ والخذْلانَ بيدِ الله، يوفِّقُ مَن يشاءُ من عبادِه، ويَخذُلُ مَن أرادَ. يقولُ: فلا يَحزُنْك إدبارُ من أدبرَ عنك من قومِك وتكذيبُهم إيَّاكَ (٣)، فإني لو شئتُ هدَيتُهم فَآمَنوا، وبيدى الهِدايةُ والضَّلالُ (٤).
يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: وتحسَبُ يا محمدُ هؤلاء الفِتيةَ الذين قصَصْنا عليك قصَّتَهم، لو رأيتَهم في حالِ ضَرْبِنا على آذانِهم في كهفِهم الذي أوَوْا إليه - أيقاظًا. والأيقاظُ: جمعُ يَقِظٍ، ومنه قولُ الراجزِ (٥):
(١) سقط من: ص، ت ١، ف. (٢) في م، ت ٢: "التي"، وغير واضحة في: ف. (٣) في ت ٢: "إياي". (٤) في ص: "الضلالة". (٥) نسبهما أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٣٩٧ لرؤبة، وليسا في الديوان.