يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي جعَلنا له جنتين من أعنابٍ ﴿دَخَلَ جَنَّتَهُ﴾، وهى بستانُه، ﴿وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾. وظلمُه نفسَه كفرُه بالبعثِ، وشكُّه في قيامِ الساعةِ، ونسيانُه المعادَ إلى الله تعالى، فأوجَب لها بذلك سُخْطَ اللَّهِ وأليمَ عقابِه.
وقوله: ﴿قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا﴾. يقولُ جلَّ ثناؤه: قال لما عايَنَ جنتَه، ورآها وما فيها من الأشجارِ والثمارِ والزروعِ والأنهارِ المُطَّرِدَةِ، شكًّا في المعادِ إلى اللَّهِ: ما أظنُّ أن تَبِيدَ هذه الجنةُ أبدًا، ولا تفنَى ولا تَخْرَبَ. وما أظنُّ الساعةَ التي وعَد اللَّهُ خلْقَه الحشرَ فيها تقومُ فتَحدُثُ. ثم تمنَّى أُمنيةً أخرى على شكٍّ منه، فقال: ﴿وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي﴾ فرجَعتُ إليه - وهو غيرُ موقنٍ أنه راجعٌ إليه: ﴿لأَجِدَنَّ
(١) تقدم في ٩/ ٢٥٨ - ٢٦٣ ص ٢٣٩ - ٢٤١ من هذا الجزء. (٢) في ص، ف: "أمنة". (٣) ينظر تفسير ابن كثير ٥/ ١٥٣.